بحث في JanNewsNet

Translate

السبت، 27 أبريل 2013

زمن الحثالة العربي فاشربوا نخب عاد وثمود!! ,,, بقلم: نبيه برجي


زمن الحثالة العربي فاشربوا نخب عاد وثمود!! ,,, بقلم: نبيه برجي
الديار اللبنانية

دخلنا، بكامل قوانا العقيلة، في لعبة الهاوية. لا داعي، لا وقت، لا إمكانية، للإنقاذ. سأل محمد اركون: كيف يمكن ان ترى الدين عبر هذه الغابة من رجال الدين؟
ودون ان ينفي ذلك وجود نموذج آخر من رجال الدين الذين، وان تضاءلوا كثيراً، مازالوا يراهنون على صورة الله في الانسان دون النظر الى معتقده او الى هويته او الى مسقط رأسه...
للذين تابعوا ذلك المشهد المريع في مدينة طرابلس. رجل يساق كما الدابة في الشوارع، وقد ربط عنقه بالحبل، وجرى تحطيم وجهه، وكتب على ظهره، كما على صدره، اسم طائفته، ليقول احدهم ان «المشايخ» هم من امروا بذلك. يقصد صنفاً معيناً من المشايخ. قد لا يكونون هم من يقفون، بشكل مباشر، وراء المشهد. ولكن عندما تصل التعبئة المذهبية الى ذلك الحد، ودون التفرقة هنا بين مشايخ هذا المذهب او ذاك، فهل نتوقع اقل مما رأيناه والذي لا شك انه أثار بهجة الكثير من «المؤمنين»، ودائما تحت شعار الله اكبر»!
لو كنا لانزال كائنات بشرية، مجرد كائنات بشرية كما نزعم، لشعر كل واحد منا انه هو هو ذلك الرجل. كل واحد منا راح يتلمس وجهه المحطم، عنقه المربوط بالحبل، اسم طائفته وقد انتقل بالجمر الى صدره او الى ظهره ليتم جره، كما الدابة، في الطرقات، فيما الشبان يهزجون، كما لو اننا لسنا احفاد الذين صلبوا الحلاج، وقطعوا اوصال ابن المقفع، قطعة قطعة، وراحوا يرمونها في النار.
المثير ان المشهد الذي يعكس بدقة اين مكاننا في الهاوية، وعدد الدقائق القليلة التي تفصلنا عن الحرب الاهلية الكبرى (باعتبار ان التجربة السابقة كانت الحرب الاهلية الصغرى)، لم يحرك ساكنا لدى اهل السياسة عندنا، مع انه كان يفترض ان يزلزلهم لانه وصف لحالنا. ها هم لاهون غافلون في مسائل اخرى اكثر حيوية. المحاصصة في المقاعد وفي الحقائب التي قد تنتقل مع اصحابها الى العالم الآخر. ولكن هل ترى من مسافة لدى اهل السياسة عندنا بين ثقافة الكافيار وثقافة الدم..
اشد هولا من ذلك حين يتساءل برنارد لويس، وهو يرى ما يفعله المشايخ وما يفتون به( ودائما مع استثناء القلة القليلة)، ما اذا كانت السماء قد استعاضت عن ارسال الانبياء بارسال البرابرة. هو الذي تحدث عن « ازمنة العدم» في العالم الاسلامي، بعدما غسل يدي بني قومه في الولايات المتحدة، وان كان اصله انكليزياً، من صناعة تورا بورا ومشتقاتها وامتداداتها...
حتماً، هذه ليست طرابلس، وهؤلاء ليسوا اهلها، ومشهد الرجل- الدابة الذي يساق في الطرقات ليس من تراث المدينة التي طالما كانت ولا تزال حاضرة للتقوى والشفافية والتسامح. ولكن ألا نلاحظ ان بعض النواب ذهبوا في تسويق الغرائزية، وبتلك الاستعراضية القاتلة، اكثر مما ذهب الكثير من المشايخ الذين نقول، وكما محمد اركون، انهم حجبوا الاسلام وحجبوا المسلمين لنستعيد تلك المظاهر الوثنية الاكثر جنونا والاكثر همجية والتي حسبنا انها اصبحت وراءنا منذ عهد بعيد...
نفاق، وهراء، الكلام عن المذاهب. بتلك الطقوسية الفظة، وبتلك الفتاوى التي تقشعر لها الابدان، تحولت المذاهب الى اديان، حتى ان شيخا جليلا ومتنوراً سألنا «هل تعتقد انه لا يزال هناك إله واحد للمسلمين؟»، وللسؤال حيثياته العقلانية القاطعة، قبل ان يطلعنا على عينات من الفتاوى والاحاديث والمواعظ التي لا تليق البتة بالآدميين، وبعدما بلغنا ما جاء في ذلك الكتاب الذي يحلل شواء واكل لحم الشخص الذي لا يؤدي فريضة الصلاة، ومرة ثانية دون ان تقتصر الفتاوى على مذهب دون آخر، وما علينا الا ان نتابع ما تبثه بعض الشاشات لنسأل ما اذا كنا افضل حالاً من عاد وثمود...
ومع انني لا افقه، شخصيا، في الدين سوى الانسان. هل لي ان اتساءل ما اذا كنا لا نستحق عقابا على شاكلة عاد وثمود؟ من قال اننا، باحوالنا، لا نعيش هذا العقاب. استعيدوا مشهد الرجل الذي كان يُجر بالحبل في طرابلس، فقط من اجل طائفته، ثم استعيدوا المشاهد الهمجية في كل ارجاء سوريا،  وبعدما اخبرنا الاخضر الابراهيمي إياه ان ثمة 40 الف مقاتل اجنبي في سوريا. كلهم جاؤوا، وحتى من الشيشان وحتى من داغستان وحتى من القرن الافريقي، ليزيلوا نظام الجهالة والجاهلية ويقيموا دولة الهدى والهداية.
نعرف كم ان الشيشان اقوياء الشكيمة، ونعرف كيف ان دمشق استقبلت آباءهم (الشركس) بالاذرع المفتوحة وتسلموا اعلى المراتب، ولكن ان يأتونا اليوم كقتلة. يرمون الشمّاس من السيارة لتتحطم جمجمته، ثم يخطفون مطرانين ارثوذكسيين تحديدا ثأرا من النظام الارثوذكسي في روسيا، فيما تماثيل الشمع في اسطنبول يصدرون البيانات تلو البيانات. نسأل جورج صبرا الذي حل محل احمد معاذ الخطيب في رئاسة تلك الفضيحة ما اذا كانت مواقفه، وتصريحاته، وبياناته تحمل ذلك المعنى الذي يختلف عن المعنى الذي يحمله الغبار...
اجل في اسطنبول رجال من غبار، او على الاقل ملطخون بالغبار. على الارض رجال من دم وملطخون بالدم، فهل سأل صبرا نفسه ما اذا كانت سوريا بيد السوريين وما اذا كان السوريون بيد السوريين، قبل ان نسأل ما اذا كان لبنان بيد اللبنانيين، وما اذا كان اللبنانيون بيد اللبنانيين...
هذا زمن الحثالة من كل حدب وصوب. الحبال في اعناقنا ويجروننا في الطرقات او في الردهات. على صدر كل واحد منا، على ظهر كل واحد منا، اسم طائفته. من فضلكم استعدوا للذبح، ثم اشربوا نخب عاد وثمود!



  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق