بحث في JanNewsNet

Translate

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

كنت مديرا لتحرير " مجلة نارت " الحلقه الحاديه عشره


(الحلقة الحادية عشرة)

اطلق الدكتور محي الدين قندور رائعته السينمائية فلم ( الشراكسة) في ربيع العام 2010 ، الذي يعتبر من ابرز الاعمال الثقافية والفنية التي انتجها الشراكسة في المهجر منذ تركهم لوطنهم وحتى اليوم .

اهمية الفلم تأتي من كونه يسلط الضوء على الشراكسة بطريقة هوليودية اي من خلال طرح درامي فالفلم ليس عملا وثائقيا عن تاريخ الشركس وتهجيرهم الى الدولة العثمانية ، انه حكاية صراع بين حضارتين وثقافتين ، صراع بين تناقضات ... وكيف من الممكن ان تلتقي التناقضات ، فما يعتبره الشركس بطولة وهي عادة الخطيفة تعتبره قبائل شرق الاردن عارا وخزيا ... فكيف للبطولة وللعار ان يلتقيان !!! الكل ينظر الى الموضوع من زاوية مختلفة ولكن ان فهم كل طرف المنظومة القيمية والتراثية للطرف الاخر حتما سند نقاطا مشتركة وتتوحد الرؤى .

الرواية سامية المعنى واحسن قندور توظيفها دراميا من خلال احداث الفلم التي بلغت الذروة عندما اعاد الشيخ العربي خنجره الى غمده بانحيازه الى ضرورة تفهم الاخر والالتقاء معه فتحية الى الصديق والاخ الكبير الفنان محمد العبادي ، كل التحيات لابي شريف ...

قال لي الفنان العبادي اثناء عرض الفلم في فرنسا باحد المهرجانات قام الجمهور الذي تواجد في العرض بالتصفيق كثيرا عند هذه اللقطة التي عبرت عن رسالة الرواية واضاف لي العبادي لن تصدق ماذا كانت ردة فعل الجمهور الذي وقف وواصل التصفيق ... كما قال لي ان الفلم اخذ اهتماما كبيرا خارج الاردن اكثر من الاهتمام الداخلي .

هجر الشراكسة قسريا قبل 150 عاما الى هذه الارض وهم الذين ينتمون الى حضارة غير هذه الحضارة كما انهم لا يمتلكون ابسط ادوات التخاطب مع الاخر وهي اللغة ، كان تهجير الشراكسة من اقسى الكوارث البشرية واشدها الما ونتمنى ان نرى اعمالا مستقبلية تركز على هذه المأساة .
احيانا اجلس افكر واقول لنفسي ماذا لو كنت انا من اوائل من وصل الى هذه البلاد ؟ كيف ساتمكن من العيش ؟ كيف ساخاطب الاخر ؟ كيف علي ان اتصرف وماذا افعل ؟ ....... ان ما عاناه اجدادنا ليس يسيرا ابدا وانما حققوا المستحيل بقدرتهم على التكيف سواء مع الطبيعة او مع اهل هذه المناطق ........ تخيلوا كما فعلت ماذا لو كنت يا من تقرأ هذه السطور من اوائل المهاجرين !!!!!!!!!!! ايستطيع اي منا ان يعيش فى كهف !!! كيف سنأكل !!! اليوم نجلس خلف شاشات الكومبيوتر ونتحدث ونتحاور ونختلف فيما بينا !!! بينما اجدادنا تحاوروا مع الاخر الذي حتى لغته لا يتقنوها و بصبرهم وحكمتهم نحن هنا الان والجميع يكن لنا كل تقدير واحترام ........ بذات الوقت دفع الاجداد الثمن غاليا فالصراع الثقافي كان ممزوجا بالدماء ولكن كانت النهاية الاستقرار والتعايش ومن ثم العيش والمصير الواحد المشترك .

واذكر بالسياق صديقي سلطان الخليف رئيس نادي خريجي ابناء البادية حيث قام برفع ( تريلر ) الفلم على موقعهم الالكتروني واذكر انني قلت لخليف " فلم الشراكسة قدم ايضا الحضارة البدوية بقيمها النبيلة وغير الصورة النمطية عن هذه الحضارة التي لم تصل الى الاخر كما يجب ، فالبداوة هي منظومة قيمية اخلاقية متكاملة وحضارة قائمة بذاتها " .

ولا ننكر نعمة الاسلام واهل هذه الارض الطيبة مهبط الرسالات السماوية ، شخصيا قد زرت العديد من البلدان ولكن اقول لم اجد اطيب من القلب العربي ، فالتسامح والمودة والرحمة قيم تختص فيها حضارتنا الاسلامية والحضارة العربية ... لا توجد في كل الحضارت تحية تبدأ بالسلام ............ الافي حضارتنا العربية الاسلامية ..... ارض طيبة واهلها طيبون ... كل الاجلال لكل من يعيش على هذه الارض العظيمة التي مر بها رسولنا الكريم وانطلقت منها اعظم دولة وهي الدولة الاسلامية العباسية وسيبقى هذا البلد مزدهرا في ظلال سبط الرسول عليه السلام ال هاشم سادة قريش .

اعود الى الفلم كان لا بد من الاصطدام بين الحضارتين والثقافتين وهذا ما بنيت عليه رواية الفلم واستطاع المخرج المبدع والكاتب الدكتور قندور ان يعرض هذا التناقض لا بل الصراع من خلال عادة الخطيفة الشركسية لاضفاء التشويق والمتعة على الفلم ، لتكتمل العناصر فالسينما هي حب وعاطفة وتشويق وامتاع ........ والهدف ان تصل الرسالة من غيرر ملل او كلل .

هناك من انتقد الفلم لانه توقع من عنوان الفلم ان يكون فلما وثائقيا مملا عن التاريخ ولكن قندور الذي عمل في هوليوود فهم الدرس جيدا ، فالسينما بداية هي ترفيه وابهار واثارة ويجب توظيف كل ذلك لتحقيق الهدف ، وهذه التوليفة التي استطاع قندور ايصالها فكانت النتيجة العديد من الجوائز العالمية ... اضيف الى ان قندور من الذكاء ان يختار هذا الاسم لفلمه ( الشراكسة ) لما للعنوان من اثر فبالنهاية عندما تنادي على شخص او تسمي فلما ... تستخدم الاسم او العنوان ...........

الولايات المتحدة عممت نمط الحياة الامريكي حول العالم من خلال السينما ، وكسبت تعاطف العالم من خلال ماكينة هوليوود الترفيهية السياسية ، تعاط العالم مع رامبو الذي غزا فيتنام وغيرها الكثير من الافلام في تلك الحقبة وتعاطف العالم مع انسانية العسكري الامريكي في فلم ( هرت لوكر ) ومع اجهزة المخابرات ومنها جهاز المخابرات الاردني الذي تصدى للارهاب في فلم ( بودي اوف لايز ) .... وغيرها الكثير من الافلام التي تجوب العالم حتى اليوم مؤثرة في عقول البلايين وتنقل رسائلا تؤثر في عقولنا واحاسيسنا ومشاعرنا ... فمن منا لم يكن له بطل مفضل او فلم مفضل منذ طفولته وحتى الان ..........

اهمية فلم ( الشراكسة ) تأتي من كونه عملا دراميا بمواصفات سينمائية رفيعة وكاول عمل سينمائي يتحدث عن الشراكسة من خلال رواية تجعل الاوروبي و الامريكي و حتى الياباني مهتما بمشاهدة الرواية التي تركز على لقاء الحضارات لا على صدام " هننغتون " ... الهدف سام وهو من ابرز القضايا الكونية الانسانية وليس فقط الدولية ....... فالعالم كله يهتم ...

ما حققه فلم الشراكسة على الصعيد الدولي يفوق ما حققه على الصعيد المحلي فقندور على درجة من الذكاء بحيث انه خاطب جمهورا عالميا ولم يخاطب الشراكسة انفسهم وانا نقل الشراكسة الى العالمية ، وابسط مثال على ذلك ان المواطن الهندي او الياباني او الفرنسي وغيرهم من الشعوب تساءلت من هم الشراكسة !!! لا بل وسمعت لغتنا للمرة الاولى ... نعم السينما هي الاداة الاقوى لنشر الثقافة والحضارة .

حتى هذا اليوم ما زالت السينما تحتل المكانة الاولى بين جميع وسائل الترفيه فلم تختفي ولم تتراجع امام زحمة الفضائيات فالعمل السينمائي خالد وليس كالاغنية او الحفل او حتى العمل الدرامي الذي غالبا ينتهي بانتهاء موسمه .

يكفي فلم الشراكسة انه استطاع ان ينقل اسم الشراكسة " الاديغة " ولغتهم الى جميع انحاء العالم فالجمهور كما اسلفت الذي استهدفه الفلم عالميا حيث عرض الفلم في العديد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية كما تناوله النقاد كثيرا عبر العالم وعرض خلال نوفمبر الماضي في مدينة نيويورك .

لن اخوض في الرؤية الاخراجية للفلم فالدكتور قندور استخدم صورة سينمائية هوليوودية فكان الفلم هو فعليا الانتاج السينمائي الاردني الاول الذي يرتقي الى هذه المواصفات اضافة الى انه الفلم الاردني الاول الذي شارك في هذا الكم الهائل من المهرجانات ، وان كنت مؤرخا سينمائيا ساقول " السينما الارنية قبل وبعد فلم الشراكسة الذي يعتبر نقطة تحول وعلى جميع السينمائيين الاردنيين الان العمل بمواصفات تناسب هذه النقطة المرجعية " .

قمنا في وكالة الانباء الاردنية قد عرضا خاصا للصحفيين في ربيع عام 2011 بحضور الدكتور قندور تبعته ندوة عن الفلم ... كما حصل الفلم على تغطية اعلامية محلية وعربية ودولية ربما تضاهي الافلام التي تنتجها السينما المصرية التي احتفلت بمئة عام سينما قبل سنوات .

وللحق فانني لا انكر جهود الناقد السينمائي الصديق ناجح حسن الذي كتب الكثير حول الفلم واستضاف الدكتور محي الدين قندور مرات عديدة في الوكالة وصحيفة الراي وناجح هو احد النقاد السينمائيين على المستوى العربي ومؤخرا كان عضو لجنة تحكيم عالمية كما اصدر قبل اسابيع كتابا يوثق للسينما .

واذكرايضا الصديق والزميل حازم الخالدي الذي لم يتوانى يوما عن الكتابة حول الفلم حيث قمنا من خلال الوكالة ناجح وحازم وانا ببث العديد من الاخبار والتقارير حول الفلم كما استضفنا ابطال الفلم ومنهم الصديق الرائع محمد العبادي والممثلة الحسناء التي قامت بدور هند في الفلم ، وكان الدكتور قندور قد وجه لنا دعوة لحضور العرض الاول للفلم في ( قيساريا ) في تركيا ربيع العام 2011 ولكن لظروف العمل لم نتمكن من حضور العرض .

ولا انسى ان الزميل والصديق ناجح حسن قام ايضا بالكتابة عن الفلم الذي قدمه المخرج المبدع معتز جانخوت كما استضاف في الوكالة المخرجة الرائعة وداد شفاقوج التي شاركت قبل شهور بمهرجان دولي ، وفقهم الله ، فالشراكسة مبدعين في شتى ميادين العمل والقائمة تزداد ان اردنا ان نخوض باعلامنا في مجالات السينما والفن .

ما استطاع ان يحققه فلم الشراكسة الذي يعرض حتى اليوم في المهرجانات لم يستطع اي عمل تحقيقه وذلك لان السينما هي الوسيلة الترفيهية والاعلامية الاكثر تأثيرا حتى اليوم اضافة الى ان من وقف خلف الفلم مخرج ومؤلف مبدع هو الدكتور محي الدين قندور وكادر فني متخصص رفيع المستوى اضافة الى كل واحد منكم ممن ساهم سواء بالتمثيل او غير ذلك بهذا العمل الكبير الذي يحق لنا ان نفخر به .

ونأمل من الدكتور قندور وهو الروائي باستكمال السلسلة وانتاج فلم ضخم عن التهجير الشركسي فالعالم عندها سيعرف من هم الشراكسة وما هي مأساتهم فاللغة السينمائية البصرية ابلغ من كل الكتابات ومن كل المواقف السياسية ولست لاقارن هنا ولكن اقول ان العالم تعاطف مع الهولوكوست اليهودي اكثر بعد فلم سبيلبيرغ ( شندلرز لست ) واتمنى ان نرى يوما فلما عن الهولوكوست الشركسي يعرض في جميع انحاء العالم وفي العاصمة الروسية موسكو نفسها ........ فما لا نستطيع ايصاله من خلال المؤتمرات وغيرها حتما ستتمكن السينما من فعله .........

شكرا للاديب والمخرج والموسيقار الفنان الدكتور محي الدين قندور على ما يقدمه من اعمال فنية ولعلني ساعود للحديث عن الدكتور قندور الذي تربطني فيه علاقة مميزة جدا ، فقبل شهرين كنت قد تحدثت معه وكان بتركيا لاخذ منه الاذن باستخدام بعض اللقطات من فلم الشراكسة لاستخدامها بعمل وثائقي كانت تعتزم فضائية ( الام بي سي ) انتاجه وبكل سرور قد سمح بذلك لان الموضوع يخدم الشراكسة ولكنني بعد ذلك قمت بوقف هذا البرنامج الوثائقي بمعية الاخ العزيز خلدون حينا وتلك قصة تستحق حديثا كثيرا سأتي عليها في وقت لاحق .

واستميحكم عذر السادات الكرام ....... واشكر كل ما يتابعني ولكن للحق اقول مهما قلت عن فلم الشراكسة لن امنحه حقه فانني من المطلعين على ما احدثه الفلم من اثر ايجابي بالتعريف بهويتنا حول العالم وربما يوما ساتحدث عن الفلم كثيرا موثقا لكل ما تبعه من تغطية اعلامية واراء ايجابية ....... شكرا محي ............

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق