الباشـــا

منذ وصول الشركس الى هذه الاراضي المقدسة وضععوا رحالهم في مدينة عمان وعملوا في القلعة والمدرج الروماني والذين تدفئوا بدفئها وبدفئ الانصار الذين قابلوا المهاجرين الشرفاء وتقاسموا معا لقمة العيش ...

 اعاد الشركس بناء ميدنتين تاريخيتين اساسيتين و بنوا خمس مدن اولها عمان الحبيبية ...
في عام 2002 قامت احد الحكومات بجرة قلم لاسباب لا داع لذكرها بنقل المقعد الذي يمثل هؤلاء الذين تعايشوا مع الانصار ... منذ ذلك التاريخ حرمنا من هذا المقعد ، كان الاجدر ان تعالج الحكومة ذلك كما عولجت دوائر عديدة لا تختلف عن وضع مقعد الثالثة في عمان " . تلك مقتطفات من كلمة الباشا في مناقشة بيان الحكومة ، فهي المرة الاولى التي يقوم نائب ومسؤول شركسي بطرح هذه القضية تحت قبة البرلمان امام نواب الوطن والشعب والدولة عبر كلمة متلفزة .

 لم يخذل الباشا الوطن ولم يخذل قاعدته الانتخابية ومن يمثلهم وبالعودة الى كلمته التي جاءت مختصرة وشاملة لم يضع الباشا مشكلات وانما قدم حلولا على عكسه من النواب . تحدث في عدة محاور ، اولها الهم الوطني حيث ركز على ضرورة التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية واعادة الثقة بمؤسسات الدولة وتعزيز قدرات اجهزة الرقابة واصلاح الانظمة الادارية والمالية ومحاربة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة والرعاية الصحية والطاقة المتجددة والسياحة والعنف المجتمعي والشباب .

 وفي المحور الثاني تطرق الباشا الى الوضع الاقليمي والاحداث في القطر السوري واكد على ضرورة الحرص على الحدود الشمالية بسبب زيادة تدفق اللاجئين السوريين الى المملكة ، مشيدا بجهود القوات المسلحة واجهزة الامن المختلفة ، اضافة الى تأكيده على القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب والاردن الاولى .

وفي المحور الثالث نقل الباشا مطالب الشراكسة الذين يمثلهم والقضية التي تؤرقهم وهي نقل مقعد الدائرة الثالثة في عام 2002 ، وهي المرة الاولى التي يتحدث بها نائب صراحة تحت قبة البرلمان او حتى مسؤول شركسي .

 اعجبني كذلك موقف الباشا الصريح في بداية كلمته في تثمينه كلمة " كتلة وطن " التي قدمها عاطف الطراونة وهو بذلك ينفي علاقته بحزب التيار ، شخصيا اثمن للباشا هذه الجرأة وتلك الرسالة . كنت انتظر كلمة الباشا خلال اليومين الماضيين وحقيقة لم اكن اتوقع ذلك من الباشا الذي كسر سقف التوقعات واثبت انه سياسي من طراز رفيع كما انه عسكري كبير وشيخ مشايخ عشيرتنا الشركسية .

 قد يتساءل بعضكم لماذا كاتب هذه السطور لم يذكر اسم الباشا !!! تعمدت ذلك لانني عندما اذكر الباشا بالمطلق منذ اليوم فانني اعني (خير الدين هاكوز) وقد يعتب علينا بعض الباشاوات ولكن ليعذرونني فساتبع اسمهم باللقب اما لقب الباشا بالمطلق فهو مخصص لهذا الرجل الذي لم يخذل عشيرته يوما لا اجتماعيا ولا عشائريا ولا عسكريا ولا سياسيا .
 وبهذه المناسبة اتوجه بكلمة الى من يعتبرون انفسهم حراكا سياسيا و يخضون الماء من الذين قاطعوا الانتخابات النيابية فاقول لهم " ان المطالب تكون من تحت قبة البرلمان وليس كما فعلتم بطرق ملتوية وتحالفات غير مدروسة وبمواقفكم العشوائية التي يعلمها القاصي والداني والصغير قبل الكبير ، فالحراك السياسي لا يكون بالمقاطعة وانما بالمشاركة الفاعلة وبالعمل المؤسسي المنظم وليس بطريقتكم العقيمة " والله ندعو التوفيق للباشا في خدمة وطنه وعشيرته وان يديم عليه موفور الصحة والعافية.