بحث في JanNewsNet

Translate

الجمعة، 8 مارس 2013

عمان ثاني أجمل مدينة عربية.. هل نحن مسرورون؟



                                                                                                                                                  المصدر : الرأي  
        

د : هيام كلمات


الإجابة بالتأكيد لا, خاصة لمن عاصر أمانة عمان عام 2004 لن يسر لهذا النبأ حيث إنتخبت آنذاك كأجمل مدينة عربية وتراجعت اليوم. وبهذه المناسبة نود التبريك لمدينة الشارقة التي إنتخبت الأولى ولا شك أنها أهل لهذا الإختيار ونتمنى لها دوام النجاح والجمال.
ولكن, ومن باب الغيرة على مدينتنا الأحب على قلوبنا نقول, ان هذا التراجع يحز في نفوسنا نحن الأردنيون. فقد تصادفت المناسبة عام 2004 زيارتي لدبي وإستضافتي من قبل بلديتها وكانت دبي آنذاك الثانية من حيث الجمال وكان الموضوع قد أغاض مرافقي الذي شرح لي القدرة الهائلة على إقامة الأبراج والمولات والأسواق والمراكز التجارية ونهضة البلد في كافة المناحي والتي لا يغفلها زائر, ومع ذلك تنافسها عمان وكانه يقول هذه عاصمة الدولة التي تعاني من إمكانياتها البسيطة, ولكن غاب عن ذهنه الهمة العالية وشموخ النفس التي لا تطاولها كافة أبراج العالم التي يتصف بها الأردنيون قبل العمران.
عمان هذه التي في القلب, يشع جمالها من حضارات وتاريخ وثقافات وعلوم تعود إلى ثمانية إلى عشرة آلاف عام قبل الميلاد سادت ثم بادت ولكن ما زال صدى خيولها وعجلاتها وهي تسير فوق الطرقات المرصوفة وبريق سيوف ساكنيها وعرق جبين شعوبها بقيت تتلألأ على جدران المدرجات والمعابد الإسلامية والمسيحية وعبق انفاسها بين ثنايا المدينة لتشع فيها ثقافة وعلم وجمال. هذه المدينة التي سكنها الإنسان الأول « النياندرتال» إنسان ما قبل التاريخ وتشهد على ذلك الآثار حول جبل القلعة. كما شهدت العصور الحجرية الحديثة في الفترة (3200-8000 قبل الميلاد) حيث بنيت الأبراج والنصب لعبادة الشمس والقمر.
ومن أهم الإكتشافات الحديثة اكتشاف موقع قرية عين غزال الأثرية القديمة والتي تبعد 17 كم عن قلب عمان العاصمة. وتعتبر من اكبر مواقع العصر الحجري الحديث التي تم اكتشافها في الشرق الأدنى فهي تعود إلى الألف العاشر قبل الميلاد. وتعبر التماثيل البشرية التي أكتشفت حديثاً وعددها 32 تمثالاً دالة على وجود حضارة وبناء اجتماعي وتنظيم متطور بالقياس لتلك الفترة الزمنية.
توالت القبائل على عمان القديمة ومنهم الرعاة الهكسوس من مصر والذين حملوا معهم بذور حضارة مصر آنذاك, كما استقر العمونيون في عمان القديمة فلقبوها «ربة عمون» وتعني دار الملك، وتحولت مع الزمن إلى «عمان».
ثم غزاها العبرانيون المرتزقة والذين عاثوا فساداً في المنطقة، وكانت هنالك قبائل متواجدة آنذاك من عمونيين وآدوميين ومؤابيين، إلى أن تم عام 734 ق.م احتلال عمون من قبل الدولة الآشورية التي كانت قد تنامت وازدهرت في العراق. ثم جاء الغزو البابلي لعمون عام 612 ق.م. وتلاه اليونانيون بقيادة الاسكندر المقدوني بعد سقوط بابل عام 633 ق م، وخلفه القائد البطلمي بطليموس فيلادلفوس الثاني، وتم تغيير اسم عمون إلى فيلادلفيا تيمناً باسم القائد الذي يعني «الحب الأخوي»، وتنازع عليها مع السلوقيين الذين احتلوا بلاد الشام عام (218 ق م). وفي فترة حكمهم تشكل حلف المدن العشر والمسماة (الديكابوليس ) والتي بنيت في الأردن وفلسطين وسوريا.
أنقول المزيد؟ نعم فقد دلت النقوش النبطية والآثار والمعابد والأواني على مدى تأثر فيلادلفيا (عمان) بالنهضة والحضارة التي جاء بها الأنباط. استمرت عمان كمركز تجاري هام ومقراً للوالي في عهد الفاطميين الذي امتد من 953-975 م وتم إلحاق الهزيمة بالجيوش الصليبية على يد الجيوش العربية الإسلامية بقيادة صلاح الدين الأيوبي في الكرك. إلى غزو التتار الذين دمروا وقتلوا الكثيرين, إلى أن هزموا في معركة عين جالوت على يد المماليك عام 658 هجرية الموافق 1260ميلادية.
ناهيك عن العهد الإسلامي ومن الآثار الهامة للعهد الإسلامي في عمان المسجد الحسيني والساحة والقصور الأموية بالإضافة إلى موقع الكهف في الرقيم على أطراف عمان والذي ورد ذكرها في القرآن الكريم،  فقد قال الله تعالى :» أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا...» (سورة الكهف.الآية 9). أما القائد يزيد بن أبي سفيان فهو الذي فتح عمان في (آب (أغسطس) 636 م واعتمدها قاعدة لمنطقة البلقاء. كما هاجرت لعمان أفواج من الشراكسة في الفترة من 1876 م -عام 1895 م وأعادوا بناء العهد الجديد لعمان وشاركهم تجار الشام وتجار السلط. وفي 23 أيلول ( سبتمبر) عام 1918 سقطت عمان في أيدي الإنجليز ومكثوا فيها حتى عام 1919 حين تركوها بعد إعلان شرق الأردن جزءاً من سوريا. وخلال فترة ما بين 1921-1922 بعد وصول الأمير عبد الله بن الحسين تأسست أول بلدية في عمان عام 1909 تولى إسماعيل بابوق رئاستها كأول رئيس بلدية في عمان. وفي عام 1924 انتقل الأمير للسكن فيها. ومن ثم جا العصر الحديث حاملا بذور نهضة واسعة بكل أبعادها الإجتماعية والعلمية والإقتصادية والعمرانية تضاهي اعرق المدن رافعين شعار الإنسان أغلى ما نملك, وكانت بذورها تشع من عمان إلى باقي المدن الأردنية. فاصبحت الأردن من اعلى دول العالم المتقدم بنسب خريجي الجامعات والأدنى في الأمية في العالم الثالث وها هي تشكل مرجعا للسياحة الطبية وبدات تتشكل فيها قاعدة للتطور التكنولوجي في المنطقة, وما زالت النهضة في تطور بالرغم من تباطؤ الوتيرة مؤخرا لما يحدث بتأثير الربيع العربي والأزمات على المستوى العالمي.
بعد كل ما تم سرده وبإختصار, هل هنالك أسباب أكثر لتكون مدينتنا أجمل المدن على المستوى العالمي وليس العربي فقط, وبالرغم من ان المهمة منوطة بالأمانة بشكل رئيس والتي ندعوها بالعمل بجد أكبر لإعادة الق وسحر مدينتنا العظيمة خاصة من حيث مستوى البيئة فإننا لا نعفي انفسنا كمؤسسات وأفرادا من مسؤولية إعادة مدينتنا إلى ما كانت عليه لا بل أكثر, والله الموفق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق