
في ثاني محاكمة لمدير مخابرات أردني بعهد الملك عبد الله الثاني ، سجن مدير المخابرات الأسبق محمد الذهبي 13 عاما، وتغريمه 30 مليون دولار.
وبحسب تقرير مراسل الجزيرة في عمان "محمد النجار" تعد إدانة الذهبي الثانية لمدير مخابرات خلال عهد الملك عبد الله (بدأ عام 1999) بعد أن أدانت محكمة خاصة مدير المخابرات الأسبق سميح البطيخي عام 2000 بتهم الاختلاس واستثمار الوظيفة، وقضى البطيخي مدة طويلة من فترة سجنه في منزله بمدينة العقبة جنوبي المملكة.
وأدانت المحكمة الذهبي -الذي تولى منصبه بالفترة من 2005 إلى 2008- بتهم الاختلاس وغسل الأموال واستثمار الوظيفة العامة- في محاكمة مثيرة شهدت الكشف عن تفاصيل لافتة في واحدة من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام الأردني.
وكشفت القضية عن نقل أموال طائلة بسيارات من العراق للأردن، ومنح جنسيات أردنية لمستثمرين عراقيين مقابل مبالغ مالية، إضافة للنفوذ الذي يتمتع به مدير المخابرات بالأردن والذي يتعدى حدود منصبه المحدد بالقانون كما أكد سياسيون ومحللون خلال المحاكمة.
ووصف ياسين صبحا محامي الدفاع عن الذهبي القرار الصادر بحق موكله بـ "القاسي جدا" لكنه رفض الرد على سؤال إن كانت هذه المحاكمة سياسية.
وقال محامي الذهبي للجزيرة نت إن القضية لا تحوي أدلة لتصل الإدانة لهذه الدرجة، وأضاف "كنا نتوقع الحكم بعدم المسؤولية أو البراءة".
وبالنسبة لتهمة غسل الأموال، كشف صبحا أن القانون الأردني يلزم النيابة بتقديم البينات التي تؤكد التهمة وهذا ما لم يحصل، وقبل أسبوع فسخت محكمة التمييز القرار بقضية غسل أموال لأن النيابة عجزت عن تقديم أي بينة وهو ما حدث بهذه القضية أيضا.
وعن تهمتي الاختلاس واستثمار الوظيفة، قال صبحا إنه لم يُقدم أي دليل على الاختلاس، وعن مبلغ النصف مليون دينار ثبت أن الذي صرفه واستخدمه أحد شهود النيابة ولم يقدم عكس ذلك.
وشهد بالمحاكمة شخصيات بارزة في مقدمتهم وزير الداخلية الأسبق عيد الفايز، ومدير دائرة مكافحة الإرهاب السابق بالمخابرات علي برجاق، وضباط مخابرات آخرون ومسؤولون وموظفون، من أبرزهم مدير مكتبه الذي تسلم نصف مليون دينار(سبعمائة ألف دولار) من وزارة الداخلية عام 2007 من مخصصات الانتخابات النيابية التي أقر الأردن بتزويرها وحل البرلمان المنبثق عنها عام 2009.
ورغم أن معارضين وسياسيين نظروا للمحاكمة باعتبارها ضرورة لكنهم وصفوها بأنها محاولة لطي ملفات فساد أخرى من خلالها، بدت الإدانة كرسالة من الحكم بالأردن للمجتمع بأنه جاد بمحاكمة المتهمين بقضايا الفساد التي تعتبر أحد أهم محركات التظاهر والاحتجاج بالمملكة.
وبرأي الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان فإن الحكم جاء مفاجئا بحجمه لكنه يرسل رسالة تحاول الدولة من خلالها إقناع الرأي العام بأنها جادة بمكافحة الفساد وأن لا أحد فوق المحاسبة.
وقال الخيطان للجزيرة نت إنه منذ بداية محاكمة الذهبي، تساءل الرأي العام الأردني عن باقي ملفات الفساد التي طويت تحت قبة البرلمان.
واعتبر أن الدولة أمام مسؤوليات كبرى بعد محاكمة الذهبي كونها حاكمت شخصا بهذا الوزن والنفوذ، وعليها بالتالي أن تسير بمحاكمة أشخاص ذوي نفوذ وشخصيات تبوأت مناصب رفيعة ما زالت التهم تلاحقها بالفساد.
وأضاف أن الرأي العام الأردني محق في مطالبته بفتح ملفات فساد جرى الكشف عنها، لاسيما ملفات الفوسفات وآخرها ملف هدر ما يقارب أربعين مليون دينار (أكثر من 56 مليون دولار) اتهمت فيها شخصيات نافذة "ولم يُحرز فيها أي تقدم " إضافة لعشرين ملفا بأمانة عمان الكبرى التي تعاني تحت وطأة مديونية كبيرة، علاوة على ملفات التحول الاقتصادي والاجتماعي.
ويذهب الخيطان إلى أن الحكم على الذهبي يعزز مطالب المعارضة بالحد من نفوذ جهاز المخابرات، وضرورة عودته لمربعه الأمني البحت في غياب الرقابة على أدائه.
ووصف المحلل السياسي هذا اليوم بـ "الحزين لدائرة المخابرات العامة، كون الذهبي ثاني مدير تتم ادانته من قبل المحكمة، فيما ثارت ملفات حول مديرين آخرين لم تفتح حتى الآن".
واعتبر أن هذه المحاكمات وشبهات الفساد "ترتب مسؤوليات على قيادة الجهاز الحالية لتنظيف سمعته أمام الرأي العام".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق